كان البالطو الأبيض المسيج لروحه العليلة ينذر بكسر غريب داخل نفس تئن من هوس يرديها , لم يكن هذا حاله قبل أن يعرف بأنه ابن حرام , و بأن أمه المصون ولدته سفاحا مع لبناني سائح زار مدينة أكادير , مدينة الجن والملائكة , حيث يعانق البحر امتدادات أجساد تسيح للمسافحة في واضحة النهار...كانت ملامحه تحيل على جمال أنثوي غريب , و نظرة ملهبة لم تأخذ من قوة الذكورة شيئا , رعشة تكتسح أطرافه و هو يتحدث , ارتجاج يشعرك بأنك أمام انكسار لأنثى في عنفوان ...حمل جواد حاله ليستقر في المدينة التي شهدت خطيئة الاتيان به غصبا إلى هذا العالم القاسي, ظل البيت الذي كان يؤويه فارغا بعد أن توفيت جدته , الملاك الوحيد الطاهر الذي يشهد على نقاء دمرته المدنية الهوجاء و هي تعلن تحرر النساء و الرجال على حد سواء ؛ فتحولت أمه إلى باغية لأصحاب الدولارات, و تحول دون أن يشعر إلى نموذج مصغر عنها و هو يسمح بأن يسافح من بني جنسه , مقابل تدمير و تكسير لنفس لم يكتب لها أن تحلق بزهو كما كانت قبل الطوفان. التقيا دون ميعاد في ليلة عاصفة , كان صراخه يرج المكان وهو يكيل لأمه أعتى السباب , يصرخ في زبد ** شوهتينا** , كانت تحاول إسكاته عبثا إلا أن زبد الروح كان رغاء , تمسك به لتدخله البيت فينسحب منها خارجا مرددا أنا ابن حرام و أنت بغي. يصرخ ثم يرشف من بيرا يرجها بعنف , يتطاير رذاذه و يتساقط على الأرض مترنحا كديك في رقصته الجنائزية صارخا : اتركوني ,أريد أن أموت, أحرقوني فأنا جرثومة , هوس حتى الجنون , يتهاوى فوق الأرض ممسكا بالتراب يضغط بقوة عليه بين يديه و كأنه ينسحق بانسحاقه فيه , تحاول بقوة جذبه إلى البيت , يزداد صراخه :** لا أريد** , ينساق في كلام بديء , تصفعه و يرد الصفعة ليدخلا في نحيب جديد , بدأت النوافذ المشرعة تقفل من جديد , وكان شيئا غريبا يشدني إلى التفرس فيه , حملتني الذكرى إلى روحه الطاهرة حين كان صغيرا , لم يكن يعي شيئا , كانت ضحكاته ترج الحي , و الموسيقى المنبعثة من مسجله تلهب الحي جمالا , لا أعرف بالضبط لما أصروا على إخباره بتلك التفاصيل المميتة ؟ لما جعلوا لبراءته حدا؟ لماذا أعلنوا حكم إعدامه ؟ ينظرون من خلف الأبواب و الشبابيك بعد ذلك ليتمسرحوا , والنص من إنتاجهم .بدأ النحيب يخف شيئا فشيئا بعد أن نال منه التعب و تخدر بالمشروب , استطاعت أن تساعده على الدخول إلى البيت , لم أستطع النوم , إحساس غريب كان يجثم على صدري , أطلقت بعض الموسيقى الهادئة , حاولت كتابة بعض الجمل لكن عبثا لم أستطع القيام بشيء , تصلبت كالذاهلة أعد الثواني , يا الله كم يكلفنا الرحيل إلى النسيان ؟
انبلج الصبح بعد لأي؛ كنت لازلت أخط حروفا استعصت على الإتيان ؛ وعاد الحي أدراجه في فوضى لا تستكين , تطلعت من خلف النافذة أرقب تلك الحركة المائجة ,صراخ الأطفال و نمنمات النساء الصباحية , و صراخ بائع المنظفات :**جافيل جافيل**,سمفونية غريبة لحياة تعلو كل التفاصيل, لم أكن أشارك فيها لكنني كنت الشاهد الذي لا يغيب ليلا أو نهارا؛ و السبب أنني كنت لا أستطيع النوم و لا يجذبني شيء إلى الخارج؛و لأن الأشياء التي كانت تلزمني فعلا كانت خارج سوق الحياة.في غفلة من توهاني و فوضى الحي الملهبة تخللت سيارة ليموزين بيضاء الحي ؛ واستنفرت حلقة التبركيك و الفضول سيرها المعتاد ,توقف الأطفال عن اللعب و صاروا يتحلقون حول السيارة الفارهة التي لم يكونوا ليروها حتى في أحلامهم , و توقفت نمنمات الجارات لترسم علامات الاستفهام على وجوه عارية من كل شيء إلا الحشرية الزائدة و اللغو المميت. توقفت السيارة توقفا ليديا , توقف الهوينا في مستنقع لا يجف ,بدأ صاحبها يجري اتصالا , بعد قليل فتح الباب المقابل فخرج جواد في أناقته المعتادة التي كانت مسافحة لكل تغنجات النساء ؛ حاجبان تم تقليمهما بتفنن؛ و بودرا وردية على الوجه , و روائح عطر تهوي في محرابها النساء قبل الرجال تغطي عفن روح عليلة , تسافح علنا و في الجهار,هوى بقبلة غريبة مستفزة على معبد الشيطان و هو ينظر إلى النوافذ و إلى وجوه النساء و الأطفال , كان استفزازا للصمت فينا , كانت أمه تتبعه صارخة :**ارجع لهنا أولد الحرام** كان ينظر إليها بنظرة غريبة , نظرة ساخرة مستفزة , نظرة معاقب لمن سفح براءته على أعتاب لذات من حرام , كان يضحك بهستيرية قبل أن يمد لها أصبع الوسطى في حركة مقززة ,مده الأصبع بهذا الشكل لأمه جعلني أشعر بالدوار,تهاوت على الأرض و أخذت تحتو التراب على الوجه و على كل جسدها , تلطم الخد و تضرب الأعطاف في ذهول , متتبعة رحيل روح من طين , تبعثرت روحي في فوضى لأفكار لا تستكين , كان انهيارا لي و لروحين في عنق زجاجة.
من طرف amera mero الأحد ديسمبر 01, 2013 2:09 pm
