السلام عليكم ورحمة الله ..
أود اليوم مشاركتكم بإجابات لي على أسئلة أحد الزملاء حول الثقافة والمثقفين
--------------
س/ من يصنع المثقف ؟
ج/ أي مثقف تقصد؟ المثقف الواعي أو المصنوع؟ هناك مثقف مصنوع وهناك مثقف صانع ، الثقافة مضرة إن لم تكن مفرداتها مبنية على حقائق وليست مجرد متح لكل ما ينضح به الإعلام وما تلفظه دور الطباعة!
المثقف الواعي هو الذي يعي ما يأخذ ويعي ما يترك، المثقف الحقيقي هو الذي يملك محوراً ثابتاً يدور حوله ولا يكون تحت رحمة التيارات، ولا شيء أثبت من عروة الله الوثقى، إذن هي التي تصنع المثقف وتصنع العاقل والعبقري أيضاً، لأن من كان عبداً لله صار حراً من غيره.
وبدون هذا الثابت تأتينا ظاهرة تقلب المثقف المعروفة، فيكون مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة وتغزل غزلاً جديداً.
المحور هو الذي يصنع دافعاً للثقافة، فإذا كان محورك هو "الله" فسيكون دافعك البحث عن الحقيقة والخير والجمال في كل شيء، فمن الله تبدأ الأمور.
الكثيرون يتجهون للثقافة بدوافع أخرى كطلب الشهرة أو المنصب أو مهاجمة أيديولوجية أخرى... إلى غير ذلك من الدوافع، وكل شيء يعود إلى مبدئه، وكل سعي ليس لله فهو متبر وخاسر في الآخرة.
س/ هل القراءة تسبق فعل التثقيف أم تفرز عنه ؟
ج/ الأصل هو التفكير الذي يدفع للقراءة وغير القراءة من مصادر المعرفة ، والقراءة تفتح مجالات جديدة للتفكير وتفتح إلى قراءات جديدة، المثقف الحقيقي هو المفكر الحقيقي، ولا مفكر حقيقي بدون دافع حقيقي ودائم وثابت، وهذا لا يكون إلا بالارتباط بالله وليس بالمصالح والأهواء.
أكثر من غشنا هم المثقفون مع الأسف، والعالم يعاني من جرائمهم في حق التاريخ والفكر والأديان. غش البائعين لا يقارن بغش المثقفين بالعالم إلا من رحم الله! فكم من حقائق كذبت وكم من تزوير اشتهر وكم من تاريخ حُرِّف بل ودين ونصوص!
اجتمع على العالم قوة المال والأقلام المأجورة فرسموه بغير صورته، ولم يسلم حتى العلم والدين. نحن بحاجة للمثقف الحقيقي ليزيل الأصباغ عن الوجه الحقيقي للإنسان والحياة، وهو الذي يستطيع أن يجعلنا نفهم ولا نحفظ بدون فهم، ويقدم لنا رؤية متكاملة من خارج فقاعة الواقع وحمق اللحظة.
س/ هل توجد قراءة تقتل الوعي ؟
ج/ نعم توجد قراءة تقتل الوعي، إنها قراءة التلقي، فالمثقف الحقيقي هو من يقرأ قراءة الناقد لا قراءة الشارب المتلقي. القراءة المفيدة هي التي لا تلغي شخصيتنا وتذوبنا في الكاتب، القراءة المفيدة هي قراءة من لا يثق بسهولة وألا يقع ضحية الأدلجة والتغييب.
نصيحتي لكل من أراد أن يتثقف ألا يصدق كل ما يُقال ويُكتب حتى يقتنع بجو حر؛ لأن لهم أساليبهم التي يأخذونك بها من خلال المعلومة إلى الوجهة التي يريدون. أنت خذ المعلومة بعد أن تتأكد منها ودع الوجهة، إلا إن كانت وجهة ترضي إحساسك وعقلك وهذا قليل.
أكثر الناس يقرؤون للكاتب ولا يقرؤون للمعلومة، بدليل أنهم يتناقلون أسماء الكتاب والمحاضرين ، إنهم يقرؤون الشخص أكثر من قراءتهم للمعلومة، وبعد المحاضرة يتكلمون عن المحاضِر وليس عن المعلومات في المحاضرة! كأنهم يبحثون عن القدوة الحقيقي.
والتركيز على الشخص يفتح الباب لأخذ كل ما عنده حتى توجهاته، وهنا الخطورة.
بما أن الإنسان محتاج لقدوة فعليه فليبحث عن القدوة غير معتمد على ثناء الآخرين أو الإعلام بل على إحساسه هو .
س/ مامعنى القراءة النهضوية ؟
ج/ ربما يقصد بهذا المصطلح القراءة التي تدور حول النهضة والتنمية والثورة على القديم والرجعية والتي تستشهد بتجارب الأمم الناهضة وهكذا ..
س/ هل تسهم المؤسسة التعليمية ( مدارس ، جامعات ... ) في جعل القارئ يحتضر؟
ج/ دور المدارس والجامعات في تشجيع القراءة أعتقد أنه دور سلبي، وتجعل الكثير من الطلاب يكرهون منظر الكتب لأنها ملزمة بوقت محدد وبفترة معينة، لكنها لا تخلو من فائدة.
*الخلاصة: لا مثقف بدون تفكير شمولي يريد معرفة مترابطة..
(( كتبه الورّاق، وجزى الله خيراً من نقله دون اجتزاء مع ذكر