فهذه
العبارة يطلقها العامة ويقصدون بها في الغالب معنى صحيحا, وهو أنه لا يشرع
الحياء في معرفة الدين, ولا ينبغي أن يكون مانعا من السؤال عما يحتاج إليه
الإنسان في دينه إذ لا حرج عليه في ذلك كما قالت عائشة رضي الله عنها: نعم
النساء نساء الأنصار, لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين رواه مسلم.
حيت قالت المرآة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله لا يستحيي من الحق،
فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟) فمعنى: لا حياء في الدين، يعني لا
حياء يمنع السؤال والتعلم والتفقه في الدين، الحياء اي لا يمنع، أما إن كان
المراد لا حياء في الدين بالكلية اي أن الحياء ليس من الدين وذلك ليس
بصحيح, بل الحياء شعبة من الإيمان ، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:
(الحياء من الإيمان) فالحياء الذي يردعه عن المعاصي من الإيمان، وقال النبي
-صلى الله عليه وسلم-: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، لكن إذا كان المراد لا
حياء في الدين، يعني لا حياء يمنع من التعلم والسؤال فهذا صحيح، الحياء لا
يمنع من سؤالك عن دينك والتفقه في الدين، فالحياء حياءان : حياء يمنع من
التفقه في الدين هذا ممنوع ليس بحياء، والحياء الثاني يمنعك من سيء الأخلاق
من المعاصي هذا حياء مطلوب جاء به الدين كما في الحديث الصحيح: (الإيمان
بضع وسبعون شعبة وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن
الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) فالحياء الذي يمنع من الشر شعبة من
الإيمان، فإن الحياء خلق عظيم كريم يمنع من أعمال الشر ويحمل على الأفعال
الطيبة.
وقد غلب على من يسأل في دينه عما يستحي منه أن يقدم لسؤاله
بالعبارة السابقة - لا حياء في الدين - فهي كالاعتذار عن التقدم بهذا
السؤال. وما دامت تلك العبارة موهمة لمعنى غير صحيح فالأولى تركها .
والله اعلم