د. عبد الله بن محمد السعيدي
هل كان ليلك يا معزي سرمدا *** أم كانتا عيناك حقا أرمدا
أم قد تغير كل مألوف لنا *** حتى على غير الحقيقة قد بدا
ولقد أمر على الطريق تأفني *** وتضيق عن غايات رجلي ما عدا
وكأن بي أمشي فلا أدري إذا *** ما سرت هل قدمت رجلا أو يدا
الطائف المكلوم بث شجونه *** فتناوحت فرقاك لها ورق الهدا
يا ورق إن أوجست مثلي خيفة *** فلتشد ويحك جاهدا فيمن شدا
فالناس لا تنحي عليك بلائم *** ولربما لام الفتى ما أنشدا
طيف رفيع مربي في غفوتي *** ما إن فزعت وإذ به قد ألحدا
يا قبر إن تضممه رفقاً إنه *** قد ضم جنباه الهدى والمسندا
قد كان بازاً لاقتناص فضيلة *** عفا عن الدنيا كريما زاهدا
من لي بفرد فيه كانت أمة *** يسعى لها إن قائما أو قاعدا
من لي بنحرير لكل قضية *** يأسي فيشفي عيها ما أوردا
من للدعاة إذا تفرق ودهم *** ثم التقوا في ساحة كانوا يدا
من لي بمن لا تجتويه ضغينة *** شهدت له في فضله حتى العدا
من لي بسباق لكل فضيلة *** من أجل هذا كان فينا سيدا
جعل القيام وسامه وكلامه *** القرآن لا تلفيه عن ذا راقد
من لي بمن واسى الأنام بجاهه *** وبماله إن بيته كالمنتدى
هلا رأيتم ذا ندا من جوده *** وجهوده ما يستحي منه الندا
ما رام في دنياه ذكرا فانيا *** فجزاه في ذكراه أن قد خلدا
يممت غربا أو ذهبت مشرقاً *** الطير في تأبينه قد غردا
ما رام زخرفها وطيب مقامها *** فجزاه أن عقد الفضيلة قلدا
بكت العوالم موته وبودها *** لو أنها كانت له منه الفدا
لكنني يا صاحبي لك قائل *** حاذر غلوا يجتررك إلى الردى
مات النبي وصحبه من بعده *** فاعقل قلوصك لا جز درب الهدى
إن كنت راعتك الغداة فدارها *** بالصبر من للصبر يا طول المدى
لا بأس فالأيام جد قصيرة *** ولربما تمضي بك الدنيا غدا
ثم الصلاة على النبي محمد *** المصطفى خير البرية محتدا