لماذا جلس هذا الرجل في الشمس ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
هو رجل فريدٌ من نوعِه ... وهو من جيل فريد في جنسه ... جيل تميّز بالامتياز في كل شيء
وهو رجل سبّاق إلى كل خير ... كعادة أبناء ذلك الجيل ، رجلٌ يعرف معنى السمع والطاعة ... السمع والطاعة في المنشط
والمَكْرَه
طاعةٌ بالمعروف ... لا طـاعـة عميـاء
فما الذي أجلسه في الشمس ؟؟
وما كان الجو شاتياً حتى يطلب الدفء
بل كان حاراً في منطقة حاره
هذا الرجل سَمِعَ المُعلِّم الأول وهو يخطب
سَمِعَهُ يقول : أيها الناس اجلسوا .
فما أن سمِع النداء حتى جلس مكانه فلم يبرح
يا لَهَـا مِن طواعية وشدّة امتثال
ويا لَـهُ مِن تلميذ نجيب
ويا لَـهُ مِن سامع مطيع يمتثل الأمر بالحرف الواحد
بقي أن تعرفوا من هو هذا الرجل
هو لم يكن رجلا واحداً لم يعرف التاريخ له نظير ، بل هو غير واحد
وتأمل ما صحّتْ به الأخبار :
لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على المنبر قال : اجلسوا .
فسمعه ابنُ مسعودٍ فجلسَ على بابِ المسجد .
فرآه النبيُ صلى الله عليه وسلم ، فقال : تعال يا عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ .
أخرجه أبو داود وابن خزيمة والحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
وأخرج البيهقي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب فدخل عبدُ الله بنُ رواحةَ فسمع النبيَّ صلى الله
عليه وسلم يقول : اجلسوا . فجلس خارج المسجد ، فلما علِم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : زادك الله حرصاً على
طواعيةِ الله ورسوله .
إذا تأملت هذا فتأمل حالنا وحال كثير من الناس اليوم
كيف هُم يُدعون إلى سُنّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم ثم يتردّدون ويتلكئون
يعتذرون بآلاف الأعذار ... لعله كذا .. لعله ليس بواجب .. لعله ...
حضرت يوما من الأيام مجلس أحد كبار العلماء فجاءه رجل يسأله عن مسألة
فقال الشيخ : حـرام ، والدليل كذا وكذا .
قال السائل : يعني حرام ( قـوّة ) يا شيخ ! وإلا شوي !!
تأملت تلك القصة وأنا في صالون حلاقة
فهذا يأتي يعصي ربه ويحلق لحيته وهو يعلم علم يقين ما ورد فيها وفي الحث على إعفاءها .
وذاك قد أتى بأبنائه ليلعب الحلاق بشعورهم !
فهذا يُعمل له قصة فرنسية
وذاك قصة غربية غريبة ... وهكذا
مع أنه لا يخفى عليه النهي عن القزع ، وهو حلق بعض شعر الرأس وترك بعضه .
بل لو تأملت أوضاع وأحوال الناس اليوم لرأيت العجب العُجاب
فهذا يزعم أنه لا يستطيع أن يتخلّى عن سيجارته ، فهو أسيرٌ لها .
وآخر يدّعي أنه لا يتعامل بالربا ، مع أنه في قرارة نفسه موقنٌ بأنه " مُرابي "
وثالث مُوغل في الخمر يُصبح ويُمسي عليها ... وهكذا .
أين هؤلاء جميعاً من حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟