ومضات من توحيد الصحابه
مع كعب بن مالك
سيدنا كعب حينما تخلف عن رسول الله في تبوك لم يكن له عذر، وقد قال: << أوتيت جدلاً >>، يعني أوتيت قوة إقناع، فلما عاد النبي عليه الصلاة والسلام، وعكف راجعاً إلى المدينة قال: حضرني حزني، ماذا أقول له ؟ فلما وصل إلى المدينة استقبل المنافقين، واستمع إلى أعذارهم، وقبِلها، منهم ثمانون منافقا، فلما جاء دور سيدنا كعب قال في نفسه: << والله لقد أوتيت جدلاً، وإنني بجدلي أخرج من سخطه ـ أقدم له عذرا محبوكا ـ ولكنني خشيت أنني إذا خرجت من سخطه بجدلي ليوشكن الله أن يسخطه علي >>، علاقته مع من ؟ مع الله، بإمكانه أن يقنع رسول الله، ولكن رأى أن الأمر بيد الله، فلو أقنع النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يكن الله راضيًا عنه ليوشكن الله أن يسخطه علي، قال: << فأجمعت أن أصدقه، فلما وصلت إليه قلت: والله يا رسول الله ما كنت في يوم أقوى ولا أنشط من يوم تخلفت عنك، لا عذر لي، فقال عليه الصلاة والسلام كلمة رائعة:
(( أمّا هذا فقدْ صَدَقَ ))
[ متفق عليه ]
استمع إلى ثمانين منافقاً، وكلهم قدموا أعذارا مقبولة، ووكَّلهم إلى إيمانهم، فلما تكلم هذا الصحابي الجليل الحقيقة بلا مواربة، وبلا كذب، قال عليه الصلاة والسلام:
(( أمّا هذا فقدْ صَدَقَ ))
أرأيت إلى هذه اللقطة، أوتي قوة إقناع بإمكانه أن يخرج من سخطه، لكنه أدرك أن الأمر بيد الله، فهو إن خرج من سخطه ليوشكن الله أن يسخطه عليه، قال: فأجمعت صدقه، هذه واحدة.