أخرج من جيبه 100 درهم وأعطاها إلى ناطور البناية وأوصاه بأن يراقب شقته في الطابق السابع لتكون عينه عليها في غيابه، وقال له: "دير بالك على البيت لأن المدام وحيدة في الشقة، وإذا طلبت منك إحضار أي طلب لا تتردد في تلبيته ولك مني إكرامية في كل مرة أحضر فيها إلى الشقة". أجابه الناطور: حاضر يا حاج أنا بخدمتكم. ركب سيارته وغادر إلى شركته، لكنه لا يعمل لأن أولاده جميعهم يعملون، وكبيرهم يتابع أعمال الشركة والباقي وعددهم ثلاثة شباب يعملون في وظائف حكومية. وهو سعيد بحياته مع أحفاده وأسرته، لكنه في إحدى رحلاته إلى إحدى الدول العربية التقى بفتاة بعمر أولاده، لكنه أحبها رغم فارق السن بينهما ولما عرض عليها الزواج وافقت ورافقته للحياة معه، وحرصاً منه على كتمان ذلك اختار لها شقة ويتردد عليها كلما اشتاق لها. ضاقت الزوجة بأسلوب الحياة التي تعيشها كسجينة داخل شقة، وكلما احتاجت إلى أية سلعة تتصل بالبقالة ويحضر لها العامل ما تريد والحاج يحاسب البقالة أسبوعياً أو شهرياً. بعد مرور أكثر من شهر طلبت من الحاج أن تسافر معه إلى أي مكان لأن وجودها وحيدة في البيت كاد يخنقها. سافرا معاً إلى دولة أجنبية وأمضت أسبوعاً اشترت خلاله ما تحب من ملابس ومجوهرات والحاج مرتاح معها، لكنه اضطر إلى العودة لأسباب تتعلق بمشاريع شركته. بدأت المدة بين زياراته للشقة تطول شيئاً فشيئاً، وتارة يعلل غيابه بالمرض وأخرى لا يريد أن يلاحظ أحد من أفراد أسرته انه متزوج. وهو يقول لها: انت اطلبي وأنا ألبي. ولم يبخل الحاج عليها بل يعطيها مصروفاً أكثر بكثير مما تحتاجه. وفي إحدى الزيارات قالت له: حبيبي أنا حامل. فتح الحاج عيناه ونظر إليها مستغرباً وقال: نعم.. ماذا قلت ..؟؟ أعادت قولها: أنا حامل يا حاج. لم يصدق.. هل تمزح معه..؟؟ أم أنها جادة بقولها..؟؟ وإذا كانت فعلاً حامل يعني فضيحة كبيرة أمام أسرته. جلس على الأريكة وطلب منها إعداد فنجان من القهوة، لكن أعصابه كادت أن تنهار من هذا الخبر غير السار له. بدأ يفكر كيف يحل هذه المشكلة؟ هل يعيدها إلى بلدها؟ أم يأخذها إلى طبيب من أجل الإجهاض؟ أم أن طلاقها يكون أقصر الطرق..؟؟ لكن ماذا عن الجنين..؟؟ قطعت تفكيره لما وقفت أمامه وقدمت إليه فنجان القهوة وهي تبتسم وتقول: مبروك يا حاج ماذا تريد تسمية المولود ..؟؟ بدأت يداه ترتجفان وأحس بأن الدنيا تدور حوله وقال: هل أنت جادة أم تمزحين..؟؟ ـ طبعاً جادة والحمد لله إنني حامل ألست مسروراً لهذا النبأ..؟؟ ـ لا حول ولا قوة إلا بالله كيف أكون سعيداً إذا علم أحفادي أنني متزوج وما هو موقفي من أولادي وزوجتي؟ ـ هل تخاف منهم يا حاج..؟؟ الزواج حلال وأنت أتممت الزواج على سنة الله ورسوله. ولماذا انت مرتبك ..؟؟ أنا سأربي الولد وما عليك سوى دفع التكاليف. غادر البيت وهو يتحدث مع نفسه كيف حدث ذلك، إنها ورطة، توجه إلى صديق له عسى أن يجد له مخرجاً، روى له كل ما حدث، وطلب منه النصيحة. ضحك صاحبه وقال: والله أنت رجل وأنا أحسدك ولا أستطيع فعل ما فعلته، ما عليك سوى أن تشهر زواجك أمام عائلتك وكن قوياً ولا تخف أو تتردد، وعندما يعرف أولادك أن زوجتك حامل فهذا أمر واقع. احمد الله على هذه النعمة. ـ يا صديقي حفيدتي تزوجت، كيف أقول لهم إن زوجتي بعمر بناتي أو أحفادي..؟؟ ـ هل تحب زوجتك الجديدة؟ ـ نعم أحبها وجددت شبابي معها. ـ تحدث مع ابنك الكبير كي يمهد الموضوع لوالدته وبعدها لن يبقى الموضوع سراً، ويرتاح ضميرك. توجه الحاج إلى الشركة والتقى ابنه الكبير، ولم يعرف كيف يبدأ الموضوع معه، شعر ابنه أن والده مرتبك وسأله ما بالك ..؟؟ نظر إليه وقال: بصراحة يا بني أنا تزوجت ولا أدري كيف أنقل الخبر إلى أمك، لكن فيك البركة وما عليك سوى تمهيد الموضوع حتى لا تزعل مني. تفاجأ ابنه من صراحة والده وموقفه المرتبك ورد قائلاً: منذ متى تزوجت ومن هي صاحبة النصيب؟ وأين تعيش ..؟؟ شرح له القصة من أولها إلى نبأ أنها حامل وينتظر مولوداً. ـ تنتظر مولوداً، ما شاء الله وبارك الله فيك يا حاج، نهض من كرسيه وتوجه إلى رأس والده وقبله وقال له: دع الأمر لي وألف مبروك، لكن يجب أن تكون زوجتك قريبة منا حتى نقدم لها ما يلزم من خدمات في غيابك. اغرورقت عين الحاج بالدموع وارتاح نفسياً للحوار مع ابنه وقال: انتظر رد والدتك على الموضوع. في المساء كانت الحجة غير مسرورة للنبأ الذي نقله ابنها لها، لكنها قبلت بالأمر الواقع.